للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا﴾. قال: آمَنَّاكم به. قال: هي مكةُ، وهم قُريشٌ (١).

وقولُه: ﴿يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾. يقولُ: يُجْمَعُ إليه. وهو مِن قولِهم: جَبَيْتُ الماءَ في الحوضِ. إذا جَمَعْتَه فيه. وإنما أُرِيدَ بذلك: يُحْمَلُ إليه ثمراتُ كلِّ بلدٍ.

كما حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا ابن عطيةَ، عن شَرِيكٍ، عن عثمانَ بن أبى زُرْعَةَ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ في: ﴿يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾. قال: ثمراتُ الأرضِ (٢).

وقولُه: ﴿رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا﴾. يقولُ: ورزقًا رَزَقْنَاهُم مِن لَدُنَّا. يعنى: مِن عِندِنا، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولكنَّ أكثرَ هؤلاء المشركين، القائِلِين لرسولِ اللهُ : ﴿إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾. لا يَعْلَمون أنَّا نحن الذين مَكَّنَّا لهم حرمًا آمنًا، ورَزَقْناهم فيه، وجَعَلْنَا الثمراتِ مِن كلِّ أرضٍ تُجْبَى إليهم، فهم بجهلهم بمَن فعل ذلك بهم يَكْفُرون، لا يَشْكرون مَن أنْعَم عليهم بذلك.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (٥٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وكم أهْلَكُنا من قريةٍ أبْطَرَتْها معيشتُها، فبَطِرَتْ وأُشِرَتْ (٣)


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٩٥ من طريق أصبغ عن ابن زيد.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٩٦ من طريق شريك به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٣٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) الأشر: المَرَح والبَطَر. وقيل: أشدُّ البطَر. وقيل: الأشر: الفرح بطَرًا وكُفرًا بالنِّعْمة. ينظر تاج العروس (أ ش ر).