والصَّوابُ من القراءة فى ذلك عندنا ما عليه قرَأةُ الأمصارِ، وهى ضمُّ الياءِ؛ لإجماع الحجةِ من القرأةِ عليه.
وقولُه: ﴿كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ ﷿: ليس الأمرُ كما يَطْمَعُ فيه هؤلاء الكفارُ من أن يُدْخَلَ كلُّ امرئٍ منهم جنةَ نعيمٍ.
وقولُه: ﴿كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ جلَّ وعزَّ: إنا خَلَقْناهم من مَنِىٍّ قذرٍ، وإنما يَسْتَوجِبُ دخولَ الجنةِ مَن يَسْتَوجِبُه منهم بالطاعةِ، لا بأنه مخلوقٌ، فكيفَ يَطْمَعون في دخول الجنة وهم عصاةٌ كفرةٌ؟!
وقد حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾: إنما خُلِقتَ من قذَرٍ يا بنَ آدمَ، فاتَّقِ اللهَ (١).
يقولُ تعالى ذكرُه: فلا أُقْسِمُ بربِّ مشارق الأرض ومغاربها، ﴿إِنَّا لَقَادِرُونَ (٤٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ﴾.
يقول: إنا لقادرون على أن نُهْلِكَهم ونَأْتي بخيرٍ منهم من الخلقِ، يُطيعونني، ولا يَعْصُونني، ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾. يقول تعالى ذكرُه: وما يَفُوتُنا منهم أحدٌ بأمرٍ نُريدُه منه، فيُعجِزَنا هربًا.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٦/ ٢٦٧ إلى عبد بن حميد.