للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُوَضِّحُ أيضًا صحَّةَ ما اخترْنا [مِن القراءةِ في] (١) قولِه: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ﴾ بالرفعِ على معنى: وتأتيهم الملائكةُ.

ويُنبِئُ (٢) عن خطإِ قراءةِ مَن قرَأ ذلك بالخفضِ؛ لأنه أخْبَر أن الملائكةَ تأتي أهلَ القيامةِ في موقفِهم حينَ تَفَطَّرُ السماءُ قبلَ أن يأتيَهم ربُّهم في ظُلَلٍ مِن الغمامِ، إلَّا أن يكونَ قارئُ ذلك ذهَب إلى أنه تعالى ذكرُه عنَى بقولِه ذلك: إلَّا أن يأتيَهم اللَّهُ في ظُلَلٍ مِن الغمامِ. وفي الملائكةِ الذين يأتون أهلَ الموقفِ حينَ يأتيهم اللَّهُ في ظُلَلٍ مِن الغمامِ. فيكونُ ذلك وجهًا مِن التأويلِ وإن كان بعيدًا مِن قولِ أهلِ العلمِ ودلالةِ الكتاب وآثارِ رسولِ اللَّهِ الثابتةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠)﴾.

يعني جل ثناؤه بذلك: وفُصِل القضاءُ بالعدلِ بينَ الخلقِ، على ما قد ذكَرْنا قبلُ عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ مِن أخذِ الحقِّ لكلِّ مظلومٍ مِن كلِّ ظالمٍ، حتَّى القصاصِ للجمَّاءِ مِن القرناءِ مِن البهائمِ.

وأمَّا قولُه: ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾. فإنه يعني: وإلى اللَّهِ يئولُ القضاءُ بينَ خلقِه يومَ القيامةِ والحكمُ بينهم في أمورِهم التي جرَت بينهم في الدنيا، مِن ظلمِ بعضِهم بعضًا، واعتداءِ المعتدِي منهم حدودَ اللَّهِ، وخلافِ أمرِه، وإحسانِ المحسنِ منهم، وطاعتِه إيَّاه فيما أمَره [ونهاه] (٣)، فيفصلُ بينَ المتظالمين، ويُجازِي أهلَ الإحسانِ بالإحسانِ، وأهلَ الإساءةِ بما رأى، أو (٤) يتَفَضَّلُ على مَن لم يكنْ منهم


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "في قراءة".
(٢) في م: "يبين".
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "به".
(٤) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "من".