للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نِعمه التي أنْعَم بها عليكم أيُّها المؤمنون، ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. يقولُ: تَشْكرون (١) الله على نعمِه التي أنْعَمَها عليكم بطاعتِكم إياه فيما أمَرَكم ونهاكم.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٧)﴾.

يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ أَيُّها المؤمنون، بالعُقودِ التي عقَدتُموها للهِ على أنفسِكم، واذْكُروا نعمته عليكم في ذلكم، بأن هداكم مِن العقودِ لما فيه الرضا، ووفَّقكم لما فيه نَجاتُكم مِن الضَّلالةِ والرَّدَى، في نِعَمٍ غيرها جَمَّةٍ.

كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾. قال: النِّعمُ آلاء الله (٢).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ مُجاهدٍ مثلَه.

وأما قولُه: ﴿وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ﴾. فإنه يعنى: واذْكُروا أيضًا أيُّها المؤمنون في نعمِ اللهِ التي أنعم عليكم مَيثاقَه الذي واثَقَكم به، وهو عهدُه الذي عاهَدَكم به.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في "الميثاق" الذي ذكَره اللهُ ﷿ في هذه الآيةِ، أيَّ مَواثيقِه عنَى؟ فقال بعضُهم: عنَى به ميثاقَ اللهِ الذي واثَق به المؤمنين مِن أصحابِ رسولِ اللهِ حين بايَعوا رسولَ اللهِ على السمعِ والطاعةِ له فيما أحبُّوا وكرِهوا، والعملِ بكلِّ ما أمرَهم اللهُ به ورسولِه.


(١) في ص، ت ٢، س: "تشكروا". وصواب هذه النسخ: لكى تشكروا. سيأتي تفسير المصنف "لعل" بمعنى "لكي" ص ٦٥٧.
(٢) تفسير مجاهد ص ٣٠٢ وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٦٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.