للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتَحْسَبَ أنهم إنما أُمْهِلوا وتقَلَّبوا، فتصَرَّفوا في البلادِ مع كفرِهم باللهِ، ولم يُعاجَلوا بالنِّقْمةِ والعذابِ على كفرِهم، لأنهم على شيءٍ مِن الحقِّ، فإنا لم نُمْهِلْهم لذلك، ولكن ليَبْلُغَ الكتابُ أجلَه، ولتَحِقَّ عليهم كلمةُ العذابِ؛ عذابِ ربِّك.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ﴾: أسفارُهم فيها، ومجيئُهم وذَهابُهم (١).

ثم قصَّ على رسولِ اللهِ قَصَصَ الأممِ المكذِّبةِ رسلَها، وأخْبَره (٢) أنهم كانوا مِن جدالِهم لرسلِه (٣) على مثلِ الذي عليه قومُه الذين أُرْسِل إليهم، وأنه أحَلَّ بهم مِن نِقْمته عندَ بلوغِهم أمَدَهم، بعدَ إِعْذارِ رسلِه إليهم وإنذارِهم بأسَه، ما قد ذكَر في كتابِه، إعلامًا منه بذلك نبيَّه أن سنتَه في قومِه الذين سلَكوا سبيلَ أولئك في تكذيبِه وجِدالِه، سنتُه من إحلالِ نقمتِه بهم، وسَطْوتِه بهم، فقال تعالى ذكرُه: كذَّبَت قبلَ قومِك المكذِّبين لرسالتِك إليهم رسولًا، المُجادِليك بالباطلِ، قومُ نوحٍ والأحزابُ مِن بعدِهم؛ وهم الأممُ الذين تحَزَّبوا وتجَمَّعوا على رسلِهم بالتكذيبِ لها، كعادٍ، وثمودُ، وقومِ لوطٍ، وأصحابِ مَدْيَنَ، وأشباهِهم.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قولَه: ﴿كَذَّبَتْ


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٧٨ عن معمر عن قتادة، عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٤٦ إلى عبد بن حميد.
(٢) في ت ٢، ت ٣: "أخبرهم".
(٣) في ص، ت ٢، ت ٣: "أرسله".