للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُنْفَوْن عن طُرُقِ الكِرام كما … تنفي (١) المَطارِقُ (٢) ما يلى القَرَدُ (٣)

ومنه قِيل للدراهمِ الرديئةِ وغيرِها من كلِّ شيءٍ: النُّفايةُ. وأما المصدرُ مِن: نَفَيتُ، فإنه النفىُ والنِّفايَةُ، ويقالُ: الدلو (٤) يَنْفِى الماءَ. ويقالُ لِما تطاير مِن الماءِ من الدلوِ: النَّفِيُّ. ومنه قول الراجز (٥):

كأَنَّ مَتْنَيْهِ مِنَ النَّفِيِّ … مَواقِعُ الطَّيْرِ على الصُّفِيِّ

ومنه قيل: نَفَى شَعَرُه. إذا سَقَطَ. يقالُ: حالَ لونُك، ونفَى شَعَرُك.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣)﴾.

يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾: هذا الجزاءُ الذي جَازَيتُ به الذين حارَبوا الله ورسولَه، وسَعَوا في الأرضِ فسادًا في الدنيا؛ من قتلٍ، أو صلبٍ، أو قطعِ يدٍ ورجلٍ من خلافٍ، ﴿لَهُمْ﴾ يعني: لهؤلاءِ المحارِبين، ﴿خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا﴾ يقولُ: هو لهم شرٌّ وعارٌ وذِلةٌ، ونَكالٌ وعقوبةٌ في عاجلِ الدنيا قبلَ الآخرةِ. يُقالُ منه: أَخْزَيْتُ فلانًا فخَزِى هو خِزْيًا.

وقولُه: ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. يقولُ عزَّ ذكرُه: لهؤلاءِ الذين حارَبوا الله ورسولَه، وسَعَوْا في الأرض فسادًا فلم يتوبوا مِن فعلهم ذلك حتى


(١) في م، ت ٢، س: "ينفي".
(٢) المَطَارق: جمع مِطْرَق وهو القضيب الذي يضرب به الصوف أو القطن لينتفش. ينظر المفضليات ص ٨٢٧، واللسان (ط ر ق).
(٣) في م، ت ١: "الفردا"، وفى ت ١، س: "الفرد". والقرد: ما تمعط من الوبر والصوف وتلبد، وهو ردئ الصوف أو هو نفايته. تاج العروس (ق ر د).
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "للدلو".
(٥) تقدم تخريجه في ٢/ ٧٠٩.