للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ [الإنسان: ٣].

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وهديناه الثَّديين؛ سبيلَى (١) اللبنِ الذي يتغذَّى به، وينبتُ عليه لحمُه وجسمُه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا وكيعٌ، قال: ثنا عيسى بنُ عِقالٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾. قال: هما الثَّديان (٢).

حدَّثنا ابن حميدٍ (٣)، قال: ثنا مِهْرانُ، عن المباركِ بن مجاهدٍ، عن جويبرٍ، عن الضحاكِ، قال: الثَّديان.

وأولى القولين بالصوابِ في ذلك عندَنا قولُ مَن قال: عُنِى بذلك طريقُ الخيرِ والشرِّ. وذلك أنه لا قول في ذلك نعلَمُه غير القولين اللَّذين ذكَرْناهما، والثَّديان، وإن كانا سبيلَى اللبن، فإنَّ الله تعالى ذكره إذ عدَّد على العبدِ نعمَه بقولِه: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (٢) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ [الإنسان: ٢، ٣]. إنما عدَّد عليه هدايته إيَّاه إلى سبيل الخيرِ مِن نعمه، فكذلك قوله: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾.

وقوله: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾: يقولُ تعالى ذكرُه: فلم يَرْكبِ العقبةَ، فيقطعَها ويَجوزَها.

وذُكر (٤) أنَّ العقبة جبلٌ في جهنمَ.


(١) في الأصل: "سبيل".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في تفسير ابن كثير ٨/ ٤٢٧ - من طريق عيسى بن عقال به، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٧٤ من طريق آخر عن ابن عباس، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٥٤ إلى عبد بن حميد.
(٣) في الأصل: "بشار".
(٤) في الأصل: "ذلك".