للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النفوسَ ويخلُقَها.

وقال آخرون: عُنِي بذلك: ما أصاب مِن مصيبةٍ في دينٍ ولا دنيا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾. يقولُ: في الدينِ والدنيا، إلا في كتابٍ مِن قبلِ أن نخلُقَها (١).

واختلَف أهلُ العربيةِ في معنى: ﴿فِي﴾ التي بعدَ قولِه: ﴿إِلَّا﴾؛ فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: يريدُ واللَّهُ أعلمُ بذلك: إلا هي في كتابٍ، فجاز فيه الإضمارُ. قال: وقد يقولُ: عندي هذا ليس إلَّا. يريدُ: ليس إلا هو.

وقال غيرُه منهم: قولُه: ﴿فِي كِتَابٍ﴾. من صلةِ: ﴿مَا أَصَابَ﴾، وليس إضمارُ "هو" بشيءٍ. وقال: ليس قولُه: عندي هذا ليس إلا. مثلَه؛ لأن "إلا" تكفي مِن الفعلِ، كأنه قال: ليس غيرَه.

وقولُه: ﴿إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إِن خَلْقَ النفوسِ وإحصاءَ ما هي لاقيةٌ مِن المصائبِ، على اللَّهِ سهلٌ يسيرٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ما أصابكم أيُّها الناسُ مِن مصيبةٍ في أموالِكم ولا في أنفسِكم، إلا في كتابٍ قد كُتِب ذلك فيه مِن قبلِ أن نخلُقَ نفوسَكم، ﴿لِكَيْلَا


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره - كما في الإتقان ٢/ ٤٧ - من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٧٦ إلى ابن المنذر.