للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى الكلام عندهم: ولو فَتَحْنا على هؤلاء المشركين من قومك يا محمدُ بابًا من السماءِ، فظلُّوا هم فيه يَعْرُجُون، لقالوا: ﴿إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مَّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾. قال قتادة: كان الحسن يقولُ: لو فُعِل هذا ببنى آدمَ، ﴿فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾. أي: يَخْتَلِفون، لقالوا: ﴿إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ﴾.

وأما قوله: ﴿يَعْرُجُونَ﴾. فإن معناه: يَرْقَوْن فيه ويَصْعَدُون، يقال منه: عَرَج يَعْرُجُ عُرُوجًا. إذا رَقِى وصعد، وواحدة المعارِجِ مَعْرَجٌ ومِعْرَاجٌ؛ ومنه قولُ كُثيرٍ:

إلى حَسَبٍ عَوْدٍ (١) بَنا (٢) المرء قبله … أبوه له فيه مَعارِجُ سُلَّمِ

وقد حكى "عَرَجٌ يَعْرِجُ" بكسر الراء في الاستقبالِ.

وقوله: ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾. يقولُ: لقال هؤلاء المشركون الذين وصف جلَّ ثناؤه صفتهم: ما هذا بحقٍّ، إنما سُكِّرت أبصارنا.

واختلفت القرأة في قراءة قوله: ﴿سُكِّرَتْ﴾؛ فقرأ أهل المدينة والعراقِ: ﴿سُكِّرَتْ﴾. بتشديد الكافِ (٣). بمعنى: غُشِّيت وغطِّيت. هكذا كان يقول أبو عمرو بن العلاء فيما ذُكر لي عنه.


(١) حسب عود: قديم. ينظر اللسان (ع و د).
(٢) بنا يبنو لأنَّه من العلو في الشرف. ينظر اللسان (ب ن و).
(٣) وهى قراءة نافع وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٣٦٦.