للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلْبَسُ مِن الثيابِ فبياضٌ؛ لأنك تُرِيدُ حينئذٍ: إن لبِستَ ثيابًا فهى بياضٌ.

فإن قال: فهل يجوزُ النصبُ في قولِه: ﴿فَإِخْوَانُكُمْ﴾؟ قيل: جائزٌ في العربية فأمَّا في القراءةِ فإنما منَعْناه لإجماعِ القرأةِ على رفعِه. وأمَّا في العربيةِ فإنما أجَزْناه؛ لأنه يَحْسُنُ معَه تكريرُ ما يُحْمَلُ في الذي قبلَه مِن الفعلِ فيهما: وإن تخالِطوهم فإخوانَكم تُخالِطون. فيكونُ ذلك جائزًا في كلامِ العربِ.

(*) القولُ في تأويلِ قولِه عزّ ذكرُه: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بذلك: إن ربَّكم وإن أذِن لكم في مخالطتِكم اليتامى على ما أذِن لكم به، فاتقوا اللهَ في أنفسِكم أن تُخالِطوهم وأنتم تُرِيدون أكْلَ أموالِهم بالباطلِ، وتجعلون مخالطتَكم إيَّاهم ذريعةً لكم إلى إفسادِ أموالِهم، وأكلِها بغيرِ حقِّها، فتَسْتَوْجِبوا بذلك منه العقوبةَ التى لا قِبَلَ لكم بها، فإنه يَعْلَمُ مَن خالطَ منكم يتيمَه فشارَكَه في مَطْعَمِه ومَشْرَبهِ ومَسْكَنِه وخَدمِه ورُعَاتِه في حالِ مُخالطتِه إيَّاه، ما الذي يَقْصِدُ بمُخالطتِه إيَّاه؛ إفسادَ مالِه وأكلَه بالباطلِ، أم إصلاحَه وتثميرَه؛ [لأنه لا يَخْفَى] (١) عليه منه شيءٌ، ويَعْلَمُ أيَّكم المُرِيدُ إصلاحَ مالِه مِن المُرِيدِ إفسادَه.

كما حدَّثنى يونسُ، قال: أخبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾. قال: اللهُ يَعْلَمُ حينَ تَخْلِطُ مالَك بمالِه أتُرِيدُ أن تُصْلِحَ مالَه أو تُفْسِدَه فتأْكُلَه بغيرِ حقٍّ (٢).


(*) من هنا يبدأ الجزء الرابع من نسخة دار الكتب المصرية، وأشير إليها بـ "ص".
(١) في ص، ت ١، ت ٣: "لأنها"، وفي ت ٢: "لأنه".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٥٦ إلى المصنف.