للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية. قال: هم مُشْرِكو قريشٍ الذين عاهَدهم رسولُ اللهِ زمنَ الحُدَيبيةِ، وكان بَقِي مِن مُدَّتِهم أربعةُ أشهرٍ بعد يومِ النَّحْرِ، فأمَر اللهُ نبيَّه أن يُوَفِّيَ لهم بعهدِهم إلى مُدَّتِهم، ومَن لا عهدَ له إلى انسلاخِ المُحرَّمِ، ونَبَذَ إلى كلِّ ذى عهدٍ عهدَه، وأمَره بقتالِهم حتى يَشْهَدوا أن لا إله إلا اللهُ، وأن محمدًا رسولُ اللهِ، وأن لا يَقْبَلَ منهم إلا ذلك (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: مُدَّةُ مَن كان له عهدٌ من المشركين قبلَ أن تَنْزِلَ "براءةُ" أربعةُ أشهرٍ مِن يومَ أُذِّن بـ "براءةَ" إلى عشرٍ مِن شهرِ ربيعٍ الآخرِ، وذلك أربعةُ أشهرٍ، فإن نَقَض المشركون عهدَهم وظاهَروا عدوًّا، فلا عهدَ لهم، وإن وَفَّوْا بعهدِهم الذي بينَهم وبينَ رسولِ اللهِ ، ولم يُظاهِروا عليه عدوًّا، فقد أَمِرَ أن يُؤدِّيَ إليهم عهدَهم ويَفِيَ به (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)﴾.

يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ﴾: فَإِذا انقَضَى وَمَضَى وخرَج.

يقالُ منه سَلَحْنا شهرَ كذا نَسْلَخُه سَلْخًا وسُلُوخًا. بمعنى: خَرَجْنا منه. ومنه قولُهم: شاةً مَسْلوخةٌ. بمعنى: المنزوعةُ من جلدِها، المُخْرجَةُ منه.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٦/ ١٧٥٠ (٩٢٣٩، ٩٢٤٣) من طريق يزيد به إلى قوله "مدتهم".
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٥٥ عن العوفى عن ابن عباس به إلى قوله: "الآخر".