للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يَدُلُّ على صحةِ ما قلنا في ذلك قولُ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾. فأوجب الله تعالى ذكرُه أن الذين يَظُنُّون أنهم ملاقو اللَّهِ هم الذين قالوا عند مجاوزة النهرِ: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾. دون غيرهم الذين لا يَظُنُّون أنهم ملاقُو الله، وأن الذين لا يظُنُّون أنهم ملاقُو الله هم الذين قالوا: ﴿لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾. وغيرُ جائزٍ أن يُضافَ الإيمانُ إلى مَن جَحَد أنه مُلاقى الله، أو شَكَّ فيه.

القولُ في تأويل قوله: ﴿قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩)﴾.

اختلف أهل التأويل في أمْرِ هذين الفريقين، أعنى القائلين: ﴿لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾. والقائلين: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ من هما؟ فقال بعضُهم: الفريقُ الذين قالوا: ﴿لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾. هم أهلُ كُفْرٍ باللهِ ونِفاقٍ، وليسوا ممن شهِد قتالَ جالوت وجنوده؛ لأنهم انصرَفوا عن طالوتَ ومَن ثبت معه لقتالِ عدوٍّ الله جالوت ومن معه، وهم الذين عَصَوا أمرَ اللَّهِ لشُرْبهم من النَّهَرِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ بذلك (١). وهو


(١) تقدم تخريجه في ص ٤٩١.