للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول في تأويل قوله ﷿: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٩)

قال أبو جعفر : يقولُ تعالى ذِكرُه: أفلم يَنظُرْ هؤلاء المكذِّبون بالمَعادِ. الجاحدون البعث بعد المماتِ، القائلون لرسولِنا محمد : ﴿أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ﴾ - إلى ما بيَن أيديهم وما خلفَهم من السماءِ والأرضِ، فيعلَموا أنهم حيثُ كانوا، فإنَّ أرضى وسمائى محيطةٌ بهم؛ مِن بين أيديهم ومن خلفِهم، وعن أيمانهم، وعن شمائِلهم، فيرتدِعوا عن جهلِهم، وينزجِروا عن تكذيبهم بآياتنا حِذَارًا أن نأمرَ الأرضَ فتُخْسَفَ بهم، أو السماء فتُسْقِطَ عليهم قِطَعًا؟! فَإِنَّا إِن نَشَأْ أن نَفعلَ ذلك فعَلنا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشر، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قوله: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾. قال: لينظُروا (١) عن أيمانهم، وعن شمائِلِهم، كيف السماء قد أحاطت بهم! ﴿إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ﴾ كما خَسَفْنا بَمَن كان قبلهم، ﴿أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾: أي قِطعًا مِن السماءِ (٢).

وقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾. يقول تعالى ذكرُه: إِنَّ في


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ينظرون".
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٢٦ عن معمر عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٢٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم مطولًا.