للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحَرْثٌ حِجْرٌ﴾ حتى بَلَغَ ﴿لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا﴾ [الأنعام: ١٣٨]. فقال: هذا قولُه، جَعَلَ لهم رزقًا، فجعلوا منه حرامًا وحلالًا، وحَرَّموا بعضَه (١)، وأَحَلُّوا بعضَه. وقَرَأَ: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [الأنعام: ١٤٣]. أيَّ هذين حَرَّمَ على هؤلاء الذين يقولون وأحلَّ لهؤلاء؟ ﴿نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأنعام: ١٤٣]. ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا﴾ [الأنعام: ١٤٤]. إلى آخرِ الآياتِ.

حُدِّثتُ عن الحسينِ بنِ الفرجِ، قال: سمعتُ أبا مُعاذٍ، قال: ثنا عُبَيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمعتُ الضّحّاكَ يقولُ في قولِه: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾: هو الذى قال اللهُ: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا﴾ إلى قولِه: ﴿سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ (٢) [الأنعام: ١٣٦].

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (٦٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وما ظَنُّ هؤلاء الذين يَتَخَرَّصون على اللهِ الكذبَ، فيُضِيفون إليه تحريم ما لم يُحرمه عليهم من الأرزاقِ والأقواتِ التى جعَلها اللهُ (٣) لهم غذاءً، أن الله فاعلٌ بهم يومَ القيامة بكذبِهم وفِرْيتِهم عليه؟ أيحسَبون أنه يَصْفَحُ عنهم ويغفرُ؟ كلا، بل يُصْلِيهم سعيرًا خالدين فيها أبدًا، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ


(١) في ص، ت ٢، ف: "بعضهم".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٦١ عن أبي معاذ به.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.