للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهن؛ أن جدِّى وجدَّك واحدٌ، وأنى أَنْكَحَنِيكَ اللَّهُ مِن السماءِ، وإِن السَّفِيرَ جَبرائيلُ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (٣٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ﴾: مِن إثمٍ فيما أَحَلَّ اللَّهُ له مِن نكاحِ امرأةِ مَن تَبَنَّاه بعد فراقِه إياها.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ﴾. أي: أَحَلَّ اللَّهُ له (٢).

وقولُه: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾. يقولُ: لم يَكُنِ اللَّهُ تعالى لِيُؤْثِمَ نبيَّه فيما أحَلَّ له، مثالَ فعله بمن قبلَه مِن الرسلِ الذين مضَوْا قبلَه، في أنه لم يُؤْثِمُهم بما أحَلَّ لهم، لم يَكُنْ لنبيه أن يَخْشَى الناسَ فيما أمَره به أو أحَلَّه له، ونُصِب قولُه: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ﴾. على معنى: حقًّا مِن اللهِ، كأنه قال: فعَلْنا ذلك سنةً منا.

وقولُه ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾. يقولُ: وكان أمرُ اللهِ قضاءً مَقْضِيًّا.

وكان ابن زيدٍ يقولُ في ذلك ما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾: إن الله كان علمُه معه، قبلَ أن يخْلُقَ الأشياء كلَّها، فائْتَمَر في علمِه أن يَخْلُق خلقًا، ويَأْمُرَهم وينهاهم، ويَجْعَلَ (٣) ثوابًا لأهلِ طاعتِه، وعقابًا لأهلِ معصيتِه، فلما ائْتَمَر ذلك الأمرُ قدَّرَه،


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ٤٢١ عن المصنف، وأخرجه الحاكم ٤/ ٢٥ من طريق داود ابن أبي هند عن الشعبي بنحوه، وذكره الحافظ في الفتح ١٣/ ٤١٢، وعزاه إلى المصنف وأبى القاسم الطحاوي في كتاب الحجة والتبيان، بلفظ قريب بمعناه.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١١٨ عن معمر عن قتادة.
(٣) بعده في ص، ت ٢: "لهم".