للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيَحْمِلون عليه ألفَ كَذْبةٍ. قال: فما رأَيتَ الناسَ يقولون: يكونُ كذا وكذا. قال: فيَجِيءُ الصحيحُ منه، كما يقولون، الذي سمِعوه في (١) السماءِ، وبقيَّتُه (٢) من الكذبِ الذي يخوضون فيه (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أو لم يتفكَّرْ هؤلاء المكذِّبون بالبعثِ يا محمدُ من قومِك، فى خلقِ اللهِ إياهم، وأنه خلَقهم ولم يَكونوا شيئًا، ثم صرَفهم أحوالًا وتاراتٍ، حتى صاروا رجالًا؛ فيَعْلَموا أن الذي فعل ذلك قادرٌ أن يُعيدَهم بعدَ فنائِهم خلقًا جديدًا، ثم يُجازىَ المحسنَ منهم بإحسانِه، والمسيءَ بإساءتِه، لا يَظْلِمُ أحدًا منهم فيُعَاقِبَه بجُرمِ غيرِه، ولا يَحرِمُ أحدًا منهم جزاءَ عملِه؛ لأنه العدلُ الذى لا يجورُ، ﴿مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ إلا بالعدلِ وإقامةِ الحقِّ (٤)، ﴿وَأَجَلٍ مُسَمًّى﴾. يقولُ: وبأجلٍ مُؤقَّتٍ مُسَمًّى، إذا بلَغَتْ ذلك الوقتَ، أفنَى ذلك كلَّه، وبدَّل الأرضَ غيرَ الأرضِ والسماواتِ، وبَرزوا للهِ الواحدِ القهَّارِ، ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ﴾ جاحِدون مُنكِرون (٥) -جهلًا منهم- بأن معادَهم إلى اللهِ بعدَ فنائِهم، وغفلةً منهم عن الآخرةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ


(١) في م، ف: "من".
(٢) في م: "يعقبه".
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره ١٤/ ٨، وأبو حيان في البحر المحيط ٧/ ١٦٣.
(٤) فى ت ٢: "الحجة".
(٥) في ص، ت ١: "ينكرون".