للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا قَسَمٌ مِن اللَّهِ، أقْسَم أَن مَن تبِع (١) مِن بنى آدمَ عدوَّ اللَّهِ إبليسَ وأطاعه، وصدَّق ظنَّه عليه، أن يَمْلأَ مِن جميعِهم - يعنى مِن كفَرةِ بنى آدمَ و (٢) تُبَّاعِ إبليسَ، ومِن إبليسَ وذريتِه - جهنمَ، فرحِم اللَّهُ امرَأً كذَّب ظَنَّ عدوِّ اللَّهِ في نفسِه، وخيَّب فيها أملَه وأمنيتَه، ولم يُمَكِّنْ (٣) [مِن طمعٍ] (٤) فيها عدوَّه، واسْتَغَشَّه ولم يَسْتَنْصِحْه، فإن اللَّهَ جل ثناؤُه إنما نبَّه بهذه الآياتِ عبادَه على قِدَمِ عَداوةِ عدوِّهم وعدوِّه إبليسَ لهم، وسالفِ ما سلَف مِن حسَدِه لأبيهم، وبغْيِه عليه وعليهم، وعرَّفهم مواقعَ نِعَمِه عليهم قديمًا، في أنفسِهم ووالدِهم؛ ليَدَّبَّروا آياتِه، ولِيَتَذَكَّرَ أُولو الألبابِ، فيَنْزَجِروا عن طاعةِ عدوِّه وعدوِّهم إلى طاعتِه ويُنِيبوا إليها.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وقال اللَّهُ لآدمَ: ﴿وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا﴾، منها (٥)، فأسْكَن جلَّ ثناؤُه آدمَ وزوجتَه الجنةَ بعدَ أن أهْبَط منها إبليسَ وأَخْرَجه منها، وأباح لهما أن يَأْكُلا مِن ثمارِها، من أيِّ مكانٍ شاءا منها، ونهاهما أن يَقْرَبا ثمرَ شجرةٍ بعينِها.

وقد ذكَرْنا اختلافَ أهلِ التأويلِ في ذلك، وما نَرَى مِن القولِ فيه صوابًا، في غيرِ هذا الموضعِ، فكرِهْنا إعادتَه (٦).


(١) في م: "اتبع".
(٢) سقط من: م.
(٣) في م: "يكن".
(٤) في م: "ممن أطمع".
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٦) تقدم في ١/ ٥٤٩ وما بعدها.