للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن هارونَ، عن عثمانَ بنِ سعدٍ: (فيَسُبُّوا اللهَ عُدُوًّا). مضمومةَ العينِ مُثَقَّلةً (١).

وقد ذُكِر عن بعضِ البَصْريِّين أنه قرَأ ذلك: (فيَسُبُّوا (٢) اللهَ عَدُوًّا) (٣).

يُوجِّهُ (٤) تأويلَه إلى أنهم جَماعةٌ، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٧٧]. وكما قال: ﴿لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة: ١]. ويَجْعَلُ نصبَ العَدوِّ حينَئذٍ على الحالِ من ذكرِ المشركين في قولِه: ﴿فَيَسُبُّوا﴾.

فيكونُ تأويلُ الكلامِ: ولا تَسُبُّوا أيُّها المؤمنون الذين يَدْعُو المشركون مِن دونِ اللهِ فيَسُبَّ المشركون اللهَ أعداءَ اللهِ (٥) بغيرِ علمٍ. وإذا كان التأويلُ هكذا، كان العَدُوُّ مِن صفةِ المشركين ونعتِهم، كأنه قيل: فيَسُبَّ المشركون أعداءَ اللهَ بغيرِ علمٍ. ولكنَّ العَدُوَّ لما خرَج مَخْرَجَ النكرةِ وهو نعتٌ للمعرفةِ، نُصِب على الحالِ.

والصوابُ مِن القراءةِ عندي في ذلك قراءةُ مَن قرَأ بفتحِ العينِ وتخفيفِ الواوِ (٦)؛ لإجماعِ الحُجَّةِ من القَرأةِ على قراءةِ ذلك كذلك، وغيرُ جائزٍ خلافُها فيما جاءت به (٧) مُجَمِعةً عليه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: كما زيَّنا لهؤلاء العادلِين بربِّهم الأوثانَ والأصنامَ عبادةَ


(١) وذكرها عنه في الإتحاف ص ١٢٩، وقرأ بها أيضا يعقوب، وهو من العشرة. النشر ٢/ ١٩٦.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "فليسبوا".
(٣) وهذه القراءة رواية عن ابن كثير المكي. الكشاف ٢/ ٤٣.
(٤) في ص: "ويوجه"، وفي ت ١، ت ٢، ت ٣: "وتوجيه"، وفي س: "وتأول"، وفي ف: "وتوجه".
(٥) بعده في ص، ت ٢، س: "أعداء الله". وكتب في س: "كذا".
(٦) القراءتان كلتاهما صواب.
(٧) سقط من: م، ف.