للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال (١):

* ونُسْحَرُ بالطعامِ وبالشرابِ *

أي: نغَذَّى بهما، فكأن معناه عنده كان: إن تَتَّبِعون إلا رجلًا له رِئَةٌ، يأكلُ الطعامَ، ويشرَبُ الشَّراب، لا مَلَكا لا حاجةَ به إلى الطعامِ والشرابِ. والذي قال من ذلك غيرُ بعيدٍ من الصوابِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٤٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: انظُر يا محمدُ بعينِ قلبِك فاعتبِرْ كيفَ مثَّلوا لك الأمثالَ، وشبَّهوا لك الأشباهَ، بقولِهم: هو مسحورٌ، وهو شاعرٌ، وهو مجنونٌ. ﴿فَضَلُّوا﴾. يقولُ: فجاروا عن قصدِ السبيلِ بقيلِهم ما قالوا، ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾. يقولُ: فلا يَهْتَدون لطريقِ الحقِّ لضلالِهم عنه وبُعدِهم منه، وأن الله قد خذَلهم عن إصابتِه، فهم لا يَقْدِرون على المَخْرَجِ مما هم فيه من كفرهم بربِّهم (٢) إلى الإيمانِ به.

كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾. قال: مخرجًا، الوليدُ بنُ المغيرةِ وأصحابُه أيضًا (٣).


(١) في النسخ: "وقال آخرون"، والمثبت من مجاز القرآن. وهو عجز بيت لامرئ القيس في ديوانه ص ٩٧ وصدره: أرانا موضعين لأمرِ غَيبٍ.
(٢) في ص، ت ٢، ف: "موفهم"، وفى م: "بتوفقهم"، وفى ت ١: "وتوفيقهم". وكل هذا تحريف والمثبت هو الصواب.
(٣) تفسير مجاهد (٤٣٧)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٨٧ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.