للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعدَه من الذكرِ. فعلى هذا القولِ تُرِك الخبرُ عن الذين كفَروا بالذكرِ، وجُعِل الخبرُ عن الذكرِ، فتمامُه على هذا القولِ: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾. فكان معنى الكلامِ عندَ قائل هذا القول: إن الذكرَ الذي كفَر به هؤلاء المشرِكون لما جاءهم، وإنه لكتابٌ عزيز. وشبَّهه بقولِه: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٤].

وأولى الأقوالِ في ذلك عندِى بالصواب أن يُقالَ: هو مما تُرِك خبرُه اكتفاءً بمعرفةِ السامِعين بمعناه، لما تطاولَ الكلامُ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (٤٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكره: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ يا محمدُ - يَعْنى التوراةَ - كما آتَيْناك الفُرْقانَ، ﴿فَاخْتُلِفَ فِيهِ﴾. يقولُ: فاختلف في العمل بما فيه الذين أوتوه من اليهود، ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾. [يقولُ: ولولا ما سبَق من قضاءِ اللَّهِ وحُكمِه فيهم؛ أنه أخَّر عذابَهم إلى [قيامِ الساعةِ] (١)، ﴿لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾. يقولُ: لعجَّل الفصل بينهم] (٢) فيما اختلَفوا فيه بإهلاكِه المُبِطلين منهم.

كما حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ في قولِه: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ﴾. قال: أُخِّروا إلى يوم القيامةِ.

وقولُه: ﴿وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ﴾. يقولُ: وإن الفريقَ المبطِلَ منهم لفى شكٍّ مما قالوا فيه ﴿مُرِيبٍ﴾: يقولُ: يُريبُهم قولهم فيه ما قالوا، لأنهم قالوه (٣)


(١) في م: "يوم القيامة".
(٢) سقط من: ت ١.
(٣) في م: "قالوا".