للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأشنعِ اسمِه (١).

واختلَف أهلُ العربية في موضعِ تمامِ قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ﴾؛ فقال بعضُهم: تمامُه: ﴿أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾. وجعل قائلو هذا القولِ خبرَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ﴾، ﴿أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾. وقال بعضُ نحويِّى البصرةِ: يَجوزُ ذلك، ويَجوزُ أن يكونَ على الأخبارِ التي في القرآنِ يُستَغْنى بها، كما استَغنَت أشياءُ عن الخبرِ إذا طال الكلامُ، وعُرِف المعنى، نحوَ قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ﴾ [الرعد: ٣١]. وما أَشْبَهُه (٢).

قال: وحدَّثنى شيخٌ من أهلِ العلمِ، قال: سمِعتُ عيسى بنَ عمرَ يَسْأَلُ عمرَو بنَ عبيدٍ: هو ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ﴾، أين خبرُه؟ فقال عمرٌو: معناه في التفسيرِ: إن الذين كفَروا بالذكرِ لما جاءهم كفَروا به، وإنه لكتابٌ عزيزٌ. فقال عيسى: أجَدتَ يا أبا عثمانَ.

وكان بعضُ نحويِّى الكوفةِ يَقولُ: إن شِئْت جعِلت جوابَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ﴾، ﴿أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾، وإن شِئْت كان جوابُه في قولِه: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾. فيكونُ جوابهُ معلومًا فتُرِك، فيكونُ أعربَ (٣) الوجهَيْن، وأشبهَه بما جاء في القرآنِ.

وقال آخرون: بل ذلك مما انصرَف عن الخبرِ عما ابتُدِئ به إلى الخبرِ عن الذي


(١) ذكره القرطبي في تفسيره ١٥/ ٣٧٠، وابن كثير في تفسيره ٧/ ١٧٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور - ص ٣٧١ كما في المخطوطة المحمودية - إلى سعيد بن منصور.
(٢) في م: "أشبه ذلك".
(٣) في ص، ت ١، ت ٣: "إعراب".