للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّدِّيِّ: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾. يقولُ: بقاءٌ، لا يُقتلُ إلا القاتلُ بجنايتِه (١).

وأما تأويلُ قوله: ﴿يَاأُولِي الْأَلْبَابِ﴾. فإنه: يا أولي العقولِ. والألبابُ جمعُ اللُّبِّ، واللبُّ العقلُ. وخصَّ اللهُ جلَّ ثناؤُه بالخطابِ أهلَ العقولِ؛ لأنهم هم الذين يعقِلون عن اللهِ أمرَه ونهيَه، ويتدبَّرون آياته وحُججَه دونَ غيرِهم.

وتأويلُ قولِه: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. أي: تتقون القِصاصَ فتنتهون عن القتلِ.

كما حدثني به يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. قال: لعلك تتَّقي أن تقتُلَه فتُقتلَ به (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)﴾.

يعني بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ﴾: فُرِض عليكم أيها المؤمنون الوصيةُ، ﴿إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ والخيرُ المالُ، ﴿لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ الذين لا يرِثونه، ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾، وهو ما أذِن اللهُ فيه وأجازه في الوصيةِ، مما لم يجاوزِ الثلثَ، ولم يتعمَّدِ الموصِي ظلمَ ورَثتِه ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ يعني بذلك: فَرَض عليكم هذا وأوجَبه، وجعَله حقًّا واجِبًّا على من اتقى اللهَ فأطاعَه أن يعمَلَ به.

فإن قال قائلٌ: أَوَ فرضٌ على الرجلِ ذِي المالِ أن يوصِيَ لوالديه وأقربيه الذين لا يرِثونه؟ قيل: نعم.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٩٨ عقب الأثر (١٥٩٥) من طريق عمرو بن حمادٍ به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٧٤ إلى المصنف.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ص ٤٠ (مخطوط) إلى المصنف.