للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذين، ذُكِّروا بهذه الآيةِ، واحْتُجَّ عليهم بها، هم القومُ الذين، وَصَفْتُ صفتَهم دونَ المعطِّلةِ والدَّهْرِيةِ، وإن كان في أصغرٍ ما عدَّد اللهُ في هذه الآيةِ مِن الحُجَجِ البالغةِ، المَقْنَع لجميعِ الأنامِ، تَرَكْنا البيانَ عنه كراهةَ إطالةِ الكتابِ بذِكرِه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلُّ ثناؤُه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾.

يعني جلُّ ثناؤُه بذلك أنَّ مِن الناسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دونِ اللهِ أندادًا الله. وقد بَيَّنَا فيما مضَى أن النِّدَّ العِدْلُ: بما يَدُلُّ على ذلك مِنْ الشواهدِ، فكَرِهْنا إعادتَه (١)، وأنَّ الذين اتَّخذوا هذه الأندادَ مِن دونِ اللهُ، يُحِبون أندادَهم كحبِّ المؤمنين اللهَ، ثم أخْبَرَهم أن المؤمنين أشدُّ حبًّا للهِ من متَّخذِي هذه الأندادِ لأندادِهم.

واختلَف أهلُ التأويلِ في "الأندادِ" التي كان القومُ اتَّخذوها، وما هي؟ فقال بعضُهم: هي آلهتُهم التي كانوا يَعْبُدونها مِن دون اللهِ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حَدَّثَنَا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾: من الكفارِ لأوثانِهم (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٣٩٠ - ٣٩٢.
(٢) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٧٦ عقب الأثر (١٤٨٤) معلقًا. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٦٦ إلى عبد بن حميد.