للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمنين بإظهارِهم لهم بألسنتِهم الإيمانَ باللهِ وهم للكفرِ مُسْتَبْطِنون - هم المُفارِقون طاعةَ اللهِ، الخارِجون عن الإيمانِ به وبرسولِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٦٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ﴾ باللَّهِ ﴿نَارَ جَهَنَّمَ﴾ أن يُصْلِيهموها جميعًا، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾. يقولُ: ماكِثِين فيها أبدًا، لا يَحْيَون فيها ولا يَموتون. ﴿هِيَ حَسْبُهُمْ﴾، يقولُ: هي كافيِتُهم؛ عقابًا وثوابًا على كفرِهم باللهِ. ﴿وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ﴾، يقولُ: وأَبْعَدَهم اللهُ وأَسْحَقَهم مِن رحمتِه، ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾. يقولُ: وللفريقَين جميعًا، يعنى مِن أهلِ النفاقِ والكفرِ، عندَ اللَّهِ ﴿عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾: دائمٌ، لا يزولُ ولا يَبِيدُ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٦٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قلْ يا محمدُ لهؤلاء المنافقين الذين قالوا: ﴿إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾: أبالله وآياتِ كتابه ورسولِه كنتم تستهزئون؟ ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ مِن الأممِ الذين فَعَلوا فعْلَكم فأهْلَكَهم اللهُ، وعَجَّل (١) لهم في الدنيا الخِزْىَ، مع ما أعدَّ لهم مِن العقوبةِ والنَّكال في الآخرةِ. يقولُ لهم جلَّ ثناؤُه: واحْذَروا أن يَحِلَّ بكم مِن عقوبةِ اللهِ مثلُ الذي حَلَّ بهم؛ فإنهم كانوا أشدَّ


(١) في ت ١، ت ٢، س، ف: "حل".