للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعصيتِه، ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ يَرْحَمُ بها مَن شَاءَ مِن خلقِه، فيُنْقِذُه به من الضلالة إلى الهُدى، ويُنَجِّيه به مِن الهلاكِ والرَّدَى، وجَعَلَه رحمةً للمؤمنين به دونَ الكافرين به؛ لأن مَن كَفَرَ به فهو عليه عَمًى، وفي الآخرة جزاؤُه على الكفر به الخلودُ في لَظَى.

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكره لنبيِّه محمدٍ : ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ لهؤلاء المكذِّبين (١) بك وبما أُنزِلَ إليك من عندِ ربِّك: ﴿بِفَضْلِ اللَّهِ﴾ أَيُّها الناسُ، الذى تَفَضَّلَ به (٢) عليكم، وهو الإسلامُ، فبَيَّنَه لكم، ودَعاكم إليه، ﴿وَبِرَحمتِهِ﴾ التي رَحِمكم بها، فأنزَلَها إليكم، فعَلَّمَكم ما لم تكونوا تَعْلَمون من كتابِه، وبَصَّرَكم بها معالم دينِكم، وذلك القرآنُ، ﴿فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾. يقولُ: فإن الإسلام الذى دَعاهم إليه، والقرآن الذى أنزله عليهم، خيرٌ مما يَجْمَعون مِن حُطام الدنيا وأموالِها وكنُوزِها.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال (٣) أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثني عليُّ بن الحسن الأزْدِيُّ، قال: ثنا أبو معاويةَ، عن الحجاجِ، عن عطيةَ، عن أبي سعيد الخدريِّ في قوله: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ


(١) في النسخ: "المشركين". والمثبت ما يقتضيه السياق.
(٢) في ت ١، ت ٢، س، ف: "بها".
(٣) بعده في م، ص: "جماعة من".