للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن تركِ الاعتداء فيه، وضيَّعتْ ما وعَظتْها به الطائفةُ الواعظةُ، وذكرتها ما ذكَّرتها به من تحذيرها عقوبةَ الله على معصِيَتها، فتقدَّمتْ على استحلالِ ما حرَّمَ اللَّهُ عليها - أنْجى الله الذين ينْهَوْنَ منهم عن السُّوءِ، يعنى عن معصية الله، واستحلال حُرَمِه، ﴿وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾. يقولُ: وأَخَذ الله الذين اعتدَوْا في السبتِ، فاستحلُّوا فيه ما حرَّم الله من صيدِ السمكِ وأكْلِه، فأحلَّ بهم بأسَه، وأهلكهم بِعَذَابٍ شديدٍ بَئيسٍ بما كانوا (١) يُخالفون أمرَ اللَّهِ، فيخرجونَ من طاعته إلى معصيَتِه، وذلك هو الفسقُ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذِكرُ من قال ذلك

حدَّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزَّاقِ، قال: أخبرنا ابن جُريجٍ في قولِه: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ﴾. قال: فلما نسُوا موعظة المؤمنينَ إيَّاهم، الذين قالوا: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا﴾ (٢).

حدثني محمد بن المثنَّى، قال: ثنا حَرَمِيٌّ، قال: ثنى شعبةُ، قال: أخبرني عمارةُ، عن عكرمةَ، عن ابن عباس: ﴿أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ﴾. قال: يا ليتَ شعرى ما السُّوءُ الذي نَهَوْا عنه.

وأما قوله: ﴿بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾. فإنّ القرَأةَ اختلَفتْ في قراءته؛ فقرأته عامّةُ قرَأةِ أهل المدينة (بعذابٍ بِيسٍ) بكسرِ الباءِ وتخفيفِ الياء بغير همزٍ، على مثال "فِعْلٍ" (٣).


(١) بعده في م، ت ١، ت ٢، س، ف: "يفسقون"، ومضروب عليها في: ص.
(٢) تفسير عبد الرزاق ١٢/ ٢٤٠، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٠١.
(٣) وهى قراءة نافع وأبي جعفر. النشر ٢/ ٢٠٥.