للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اخْتَلفوا في صفةِ التقويمِ إذا أراد التكفيرَ بالإطعامِ؛ فقال بعضُهم: يقوَّمُ الصيْدُ [قيمةَ الموضعِ] (١) الذي أصابه فيه (٢). وهو قولُ إبراهيمَ النَّخعيِّ، وحمادٍ، وأبى حنيفةَ، وأبى يوسفَ، ومحمدٍ. وقد ذكَرتُ الروايةَ عن إبراهيمَ وحمادٍ فيما مضى (٣)، بما يدلُّ على ذلك. وهو نصُّ قول أبي حنيفةَ وأصحابِه.

وقال آخرون: بل يقوَّمُ ذلك بسعرِ الأرضِ التي يكفِّرُ بها (٤).

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: ثنا ابن أبي زائدةَ، قال: ثنا إسرائيلُ، عن جابرٍ، عن عامرٍ، قال في محرمٍ أصاب صيدًا بخراسانَ، قال: يكفِّرُ بمكةَ أو بمنًى. وقال: يقوَّمُ الطعامُ بسعرِ الأرضِ التي يكفِّرُ بها (٥).

حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا أبو يمانٍ، عن إسرائيلَ، عن جابرٍ، عن الشعبيِّ في رجلٍ أصاب صيدًا بخراسانَ، قال: يُحْكَمُ عليه بمكةَ.

والصوابُ من القولِ في ذلك عندنا أن قاتلِ الصيدِ إذا جزاه بمثلِه من النعمِ، فإنما يَجْزِيه بنظيره في خَلْقٍ وقَدْرِه في جسمه من أقربِ الأشياءِ به شبهًا من الأنعامِ، فإن جزاه بالإطعامِ. قوَّمه قيمتَه بموضعِه الذي أصابه فيه؛ لأنه هنالك وجَب عليه التكفيرُ بالإطعامِ، ثم إن شاء أَطْعَم بالموضعِ الذي أصابه فيه، وإن شاء بمكةَ، وإن شاء بغيرِ ذلك من المواضعِ حيث شاء؛ لأن الله تعالى إنما شرَط بلوغَ الكعبةِ بالهَدْي في قتلِ


(١) في م، ت ٢: "قيمته بالموضع".
(٢) سقط من: ص، ت ١.
(٣) ينظر ما تقدم في ص ٦٨٧.
(٤) في ص، ت ١: "فيها"، وفى س: "منها".
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٣٠ إلى المصنف.