للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإلى (١) مَن سكَن (٢) أبوكم بعدَه؟ قالوا: إلى أخٍ لنا أصغرَ منه. قال: فكيف تُخْبِروننى أن أباكم صِدِّيقٌ، وهو يُحِبُّ الصغيرَ منكم دون الكبيرٍ؟ ائْتُونى بأخيكم هذا، حتى أَنْظُرَ إليه ﴿فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ﴾. قالوا: ﴿سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ﴾ قال: فضعُوا بعضَكم رَهينةً حتى تَرْجِعوا، فوضَعوا شمعونَ (٣).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾. قال: لا يَعْرِفونه (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩)﴾.

يقولُ: ولما حمَّل يوسُفُ لإخوتِه أباعرَهم مِن الطعامِ، [فأوْقر لكلِّ] (٥) رجلٍ منهم بعيرَه، قال لهم: ﴿ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ﴾ كيما أُحَمِّلَ لكم بعيرًا آخرَ، فتَزْدادوا به حِمْلَ بعيرٍ آخرَ، ﴿أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ﴾ فلا أَبْخَسُه أحَدًا؟ ﴿وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾: وأنا خيرُ مَن أنْزَل ضيفًا على نفسِه مِن الناسِ بهذه البَلْدةِ، فأنا أُضِيفُكم.


(١) في ت ١، ت ٢، ف: "قال".
(٢) بعده في ت ١: "إليه".
(٣) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٣٤٨، ٣٤٩، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٦٣، ٢١٦٤ (١١٧٣٥، ١١٧٤١) من طريق أسباط به. وقوله: "قال: فضعوا بعضكم رهينة". قال ابن كثير في تفسيره ٤/ ٣٢٣: في هذا نظر؛ لأنه أحسن إليهم ورغبهم كثيرا، وهذا لحرصه على رجوعهم.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٢٥ - ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٦٣ (١١٧٣١) - عن معمر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٥ إلى ابن المنذر.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢: "فأوقروا كل". وأوقر فلانٌ الدابة إيقارا: حمَّلها حملا ثقيلا. اللسان (و ق ر).