للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تسألُونيه، ﴿هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا﴾. يقولُ: هل أنا إلا عبدٌ من عبيدِه من بنى آدمَ، فكيف أَقْدِرُ أن أفعَلَ ما سألْتُمونى من هذه الأُمورِ؟ وإنما يَقْدِرُ عليها خالقى وخالِقُكم، وإنما أنا رسولٌ أُبَلِّغُكم ما أُرْسِلْتُ به إليكم، والذي سأَلْتُموني أن أفعَلَه بيدِ اللَّهِ الذي أنا وأنتم عبيدٌ له، لا يَقْدِرُ على ذلك غيرُه.

وهذا الكلامُ الذي أخبرَ اللَّهُ أنه كُلِّم به رسولُ اللَّهِ فيما ذكَر، كان من ملأ من قريشٍ اجتَمَعُوا لمناظرةِ رسولِ اللَّهِ ، ومُحاجَّتِه، فكلَّموه بما أخبرَ اللَّهُ عنهم في هذه الآياتِ.

ذكرُ تسميةِ الذين ناظَرُوا رسولَ اللَّهِ بذلك منهم، والسببِ الذي من أجلهِ ناظَرُوه به

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا يونسُ بنُ بكيرٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: ثنى شيخٌ من أهلِ مصرَ قدِم منذُ بضعٍ وأربعين سنةً، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، أن عتبةَ وشيبةَ ابنى ربيعةَ، وأبا سفيانَ بنَ حربٍ، ورجلًا من بنى عبدِ الدارِ، وأبا البَخْتَرِيِّ أخا بني أسدٍ، والأسودَ بنَ المطلبِ بن أسدٍ، وزمعةَ بنَ الأسودِ، والوليدَ بنَ المغيرةِ، وأبا جهلِ بنَ هشامٍ، وعبدَ اللَّهِ بنَ أبي أميةَ، وأميةَ بنَ خلفٍ، والعاصَ بنَ وائلٍ، ونُبَيْهًا ومُنَبِّهًا ابنى الحجاجِ السَّهْمِيين، اجتَمَعُوا، أو مَن اجتَمَع منهم بعدَ غروبِ الشمسِ عندَ ظَهْرِ الكعبةِ، فقال بعضُهم لبعضٍ: ابعثُوا إلى محمدٍ فكلِّموه وخاصِموه حتى تُعْذِرُوا فيه. فبعَثُوا إليه: إن أشرافَ قومِك قد اجتَمعوا إليك لِيُكلِّموك. فجاءهم رسولُ الله سريعًا، وهو يظُنُّ أنه بدَا لهم في أمرِه بَدَاءٌ، وكان عليهم حريصًا، يُحِبُّ رُشْدَهم ويَعِزُّ عليه عَنَتُهم، حتى جلَس إليهم، فقالوا: يا محمدُ، إنا قد بعَثنا إليك لنُعْذِرَ فيك، وإنا واللَّهِ ما نعلَمُ رجلًا من العربِ أدخَل على