للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكيمُ في تدبيرِه، وإعذارِه إلى خلِقه، ومتابعةِ حُجَجه عليهم؛ ليَهْلِكَ من هَلَك منهم عن بَيِّنةٍ، ويَحْيا من حَيَّ عن بَيِّنةٍ.

كما حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقِ، عن محمدِ بن جعفر بن الزُّبيرِ، قال: ثم قال - يَعنى الربَّ ﷿ إنْزاهًا لنفسِه، وتوحيدًا لها مما جعَلوا معه: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. قال: العزيزُ في نُصْرته (١) ممن كفَر به إذا شاء، والحكيمُ في عُذْرِه وحُجَّتِه إلى عبادِه (٢).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرَّبيعِ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. يقولُ: عزيزٌ في نَقمتِه، حكيمٌ في أمرِه (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾.

يَعنى بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ أن الله الذي لا يَخْفَى عليه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ هو الذي أنزَل عليك الكتابَ. يَعنى بالكتابِ القرآنَ.

وقد أتَيْنا على البيانِ فيما مضَى عن السببِ الذي من أجلِه سُمِّىَ القرآنُ كتابًا، بما أغْنَى عن إعادته في هذا الموضعِ (٤).

وأما قولُه: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾. فإنه يَعنى: من الكتابِ آياتٌ. يَعنِي بالآياتِ آياتِ القرآنِ. وأمَّا المحكماتُ، فإنهنَّ اللواتي قد أُحْكمْنَ بالبيانِ والتفصيلِ،


(١) كذا في النسخ، وعند ابن أبي حاتم يريد "في انتصاره ممن كفر". كما في سيرة ابن هشام.
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٥٧٦، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٩١ (٣١٦١، ٣١٦٣) من طريق سلمة، عن ابن إسحاق قوله.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٩١ (٣١٦٢، ٣١٦٤) من طريق ابن أبي جعفر، عن أبي العالية قوله.
(٤) ينظر ما تقدم في ١/ ٨٩، ٩٥، ٩٦.