للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾ يقولُ: مُعَجَّلون إلى النارِ.

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾. قال: قد أُفرِطوا في النارِ. أي: مُعجِّلون (١).

وقال آخرون: معنى ذلك: مُبْعَدون في النارِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبى، عن أشْعَثَ السَّمَّانِ، عن الربيعِ، عن أبي بشرٍ، عن سعيدٍ: ﴿وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾. قال: مُخْسَئون مُبْعَدون (٢).

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ القولُ الذي اخترناه؛ وذلك أن الإفراطَ الذي هو بمعنى التقديمِ، إنما يقالُ في من (٣) قُدِّم مُقَدَّمًا لإصلاحِ ما يُقَدَّمُ إليه، إلى وقتِ ورودِ من قَدَّمه عليه، وليس بمُقَدَّمٍ من قُدِّم إلى النارِ مِن أهلِها، لإصلاحِ شيءٍ فيها، لواردٍ يردُ عليها فيها، فيوافِقَه مُصْلَحًا، وإنما يُقَدَّمَ مَن قُدِّم إليها لعذابٍ يعجَّلُ له. فإذ كان [ذلك معنى] (٤) الإفراطِ، الذي هو تأويلُ التعجيلِ، ففسَد أن يكونَ له وجهٌ في الصحةِ صحَّ المعنى الآخرُ، وهو الإفراطُ الذي بمعنى التخليفِ والتركِ. وذلك أنه يُحْكَى عن العربِ: ما أفْرَطتُ ورائى أحدًا. أي: ما خلَّفتُه، وما فرَّطتُه. أي: لم أُخَلِّفْه.


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٥٧ عن معمر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٢١ إلى ابن المنذر.
(٢) ذكره البغوي في تفسيره ٥/ ٢٧، والقرطبى في تفسيره ١٠/ ١٢١.
(٣) ف ت ٢: "ممن".
(٤) في م، ت ١: "معنى ذلك".