للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (٧٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ومن اللَّيلِ فاسهَرْ بعدَ نومَةٍ يا محمدُ، بالقرآنِ، نافِلةً لك خالصةً دونَ أمَّتِك. والتهجُّدُ التيقُّظُ والسّهَرُ بعدَ نومَةٍ من اللَّيلِ، وأمَّا الهجودُ نفسُه فالنومُ. كما قال الشاعرُ (١):

ألَا طرَقَتْنا والرِّفاقُ هُجودُ … فباتَت بعُلَّاتِ (٢) النَّوالِ تجودُ

وقال الحُطَيئةُ (٣):

ألا طرَقَت هندُ الهنودِ وصُحْبَتى … بحَوْرانَ حَوْرانِ الجنودِ (٤) هُجُودُ

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بن عبدِ الحكمِ، قال: ثنا أبي وشُعَيبُ بنُ الليثِ، عن الليثِ، عن خالدِ (٥) بن يزيدَ، عن ابن (٦) أبي هلالٍ، عن الأعرجِ أنَّه قال: أخبرَني حُميدُ بنُ عبدِ الرحمنِ بن عوفٍ، عن رجلٍ من الأنصارِ، أنه كان مع رسولِ اللَّهِ في سفرٍ، فقال: لأنظُرنَّ كيف يصلِّي رسولُ اللَّهِ . قال: فنام رسولُ اللَّهِ ثم


(١) التبيان ١٥/ ٥١١، وتفسير القرطبي ١٠/ ٣٠٨، وفتح القدير ٣/ ٢٥١.
(٢) العلالة: ما تعللت به، أي لهوت به. اللسان (ع ل ل).
(٣) ديوانه ص ٣٦٢.
(٤) قال ابن السكيت: حوران الجنود: بها جنود، وأهل الشام يسمون كل كورة جندا، وهو اثنا عشر ميلا. المصدر السابق.
(٥) في ص، ت ١: "مجالد"، وفى، م، ف ت ٢: "مجاهد". والمثبت من السنن الكبرى. وينظر تهذيب الكمال ٨/ ٢٠٨.
(٦) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ف. ينظر تهذيب الكمال ١١/ ٩٤.