للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كفايةٌ لمن وُفِّق لفهمِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قلْ يا محمدُ لهؤلاء العادلين بربِّهم الأوثانَ والأصنامَ، المحرِّمين ما هم له مُحَرِّمون مِن الحروثِ والأنعامِ، القائلين: لو شاء اللهُ ما أشْركْنا ولا آباؤنا، ولا حرَّمنا من شيءٍ، ولكنه رضِى منا ما نحن عليه مِن الشركِ وتحريمِ ما نُحَرِّمُ: ﴿هَلْ عِنْدَكُمْ﴾ بدَعْواكم ما تدَّعُون على اللهِ، مِن رضاه بإشْراكِكم في عبادتِه ما تُشْرِكون، وتحريمِكم مِن أموالِكم ما تُحَرِّمون -عِلْمُ يقينٍ مِن خبرِ مَن يَقْطَعُ خبرُه العذرَ، أو حجةٌ تُوجِبُ لنا اليقينَ مِن العلمِ، ﴿فَتُخْرِجُوهُ لَنَا﴾؟ يقولُ: فتُظْهِروا ذلك لنا وتَبَيِّنوه، كما بيَّنا لكم مواضعَ خطأِ قولِكم وفعلِكم، وتناقُضَ ذلك واستحالتَه في المعقولِ والمسموعِ؟ ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾. يقولُ له: قلْ لهم: إنْ تقولون ما تقولون أيُّها المشركون، وتَعْبدون مِن الأوثانِ والأصنامِ ما تَعْبُدون، وتُحَرِّمون من الحُروثِ والأنعامِ ما تُحَرِّمون، إِلَّا ظَنًّا وحُسْبانًا أنه حقٌّ، وأنكم على حقٍّ، وهو باطلٌ، وأنتم على باطلٍ. ﴿وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾. يقولُ: ﴿وَإِنْ أَنْتُمْ﴾: وما أنتم في ذلك كلِّه ﴿إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾. يقولُ: إلَّا تتقوَّلون الباطلَ على اللهِ؛ ظنًّا بغيرِ يقينِ علمٍ، ولا برهانٍ واضحٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قلْ يا محمدُ لهؤلاء العادِلِين بربِّهم الأوثانَ والأصنامَ، القائلين على ربِّهم الكذبَ، فى تحريمِهم ما حرَّموا مِن الحروثِ والأنعام، إن عجَزوا عن إقامةِ الحُجَّةِ عندَ قِيلك لهم: هل عندَكم مِن علمٍ بما تدَّعُون