للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعمالِهم التي عمِلوها في الدنيا ﴿شَيْءٌ﴾.

وكان قتادةُ يقولُ في ذلك ما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾: ولكنَّهم برَزوا له يومَ القيامةِ، فلا يَسْتَتِرون بجبلٍ ولا مَدَرٍ (١).

وقولُه: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾. يعنى بذلك: يقولُ الرَّبُّ: لمن الملكُ اليومَ؟ وترَك ذِكْرَ "يقولُ" اسْتِغْناءً بدَلالةِ الكلامِ عليه.

وقولُه: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾. وقد ذَكَرْنا الروايةَ الواردةَ بذلك فيما مضَى قبْلُ (٢)، ومعنى الكلامِ: يقولُ الرَّبُّ: لمن السلطانُ اليومَ؟ وذلك يومَ القيامةِ، فيُجيبُ نفسَه، فيقولُ: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ﴾ الذي لا مِثْلَ له ولا شَبِيةَ، ﴿الْقَهَّارِ﴾ لكلِّ شيءٍ سواه بقُدْرَتِه، الغالبِ بعزَّتِه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (١٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مُخْبِرًا عن قِيلِه يومَ القيامةِ، حينَ يَبْعَثُ خَلْقَه مِن قبورِهم لموقفِ الحسابِ: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾. يقولُ: اليومَ يُتَابُ كلُّ عاملٍ بعملِه، فيُوَفَّى أجرَ عملِه، فعامِلُ الخيرِ يُجْزَى الخيرَ، وعاملُ الشَّرِّ يُجَزى جزاءَه.

وقولُه: ﴿لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾. يقولُ: لا بَخْسَ على أحدٍ فيما اسْتَوْجَبَه مِن أجرِ عملِه في الدنيا، فيُنْقَصَ منه إن كان محسنًا، ولا حَمْلَ على مُسئٍ إِثْمَ ذنبٍ لم


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٨٠ عن معمر عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٤٨ إلى عبد بن حميد.
(٢) تقدم في ١٣/ ١٦٤،١٦٥، ٤٩٦، ٧٤٠، وينظر أيضًا ص ١٣٩، ١٤٠.