للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فمَثَلُ هذا الذي آتيناه آياتنا فانسلَخَ منها مَثَلُ الكلب الذي يَلْهَثُ؛ طَرَدْتَه أو ترَكْتَه.

ثم اختَلَف أهلُ التأويل في السببِ الذي من أجلِه جعَل اللهُ مَثَله كمَثَل الكلبِ؛ فقال بعضُهم: مثَّله به في اللَّهْثِ، لتركِه العملَ بكتاب الله وآياتِه التي آتاها إياه، وإعراضِه عن مواعظِ الله التي فيها إعراضُ مَن (١) لم يؤْتِه الله شيئًا من ذلك، فقال جلَّ ثناؤُه فيه، إذ (٢) كان سواءٌ أَمْرُه، وُعِظ بآياتِ اللهِ التي آتاها إياه أولم يُوعَظُ، في أنه لا يَتَّعِظُ بها، ولا يَتْرُكُ الكفرَ به: فمثَلُه مَثَلُ الكلبِ الذي سواءٌ أمرُه في لَهْثِه؛ طُردَ أو لم يُطْرَدْ، إذ كان لا يَتْرُكُ اللهثَ بحالٍ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي، نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ﴾. قال: تَطْرُدُه، هو مَثَلُ الذي يَقْرَأُ الكتاب ولا يَعْمَلُ به (٣).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، قال: قال ابن جُريجٍ، قال مجاهدٌ: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ﴾. قال: تَطْرُدُه بدابَّتِك ورِجْلك يَلْهَثْ. قال: مَثَلُ الذي يَقْرَأُ الكتابَ ولا يَعْمَلُ بما فيه. قال ابن جُريجٍ: الكلبُ منقطِعُ الفؤادِ، لا فؤادَ له، ﴿إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "لمن".
(٢) في النسخ: "إذا".
(٣) تفسير مجاهد ص ٣٤٧، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٢٠.