للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الغنيمةِ (١).

وقال آخرون: بل وصَفهم بالشُّحِّ عليهم بالخيرِ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، [قال: ثنى عيسى، وحدثني الحارثُ] (٢)، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾. قال: بالخيرِ، المنافقون. وقال غيرُه: معناه: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ بالنفقةِ على ضُعفاءِ المؤمنين منكم (٣).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى أن يقالَ: إن الله وصَف هؤلاء المنافقين بالجُبْنِ والشُّحِّ، [ولم يَخْصُصُ] (٢) وصفَهم مِن معاني الشُّحِّ بمعنًى دونَ معنًى، فهم كما وصَفهم الله به أشحَّةً على المؤمنين بالغنيمةِ والخيرِ والنفقةِ في سبيلِ اللهِ، على أهل مَسْكنةِ المسلمين. ونُصب قولُه: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾. على الحالِ، مِن ذكرِ الاسمِ الذي في قولِه: ﴿وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ﴾. كأنه قيل: هم جُبَناءُ عندَ البأسِ، أشِحاءُ عندَ قَسْمِ الغنيمةِ بالغنيمةِ.

وقد يحتملُ أن يكونَ قَطْعًا مِن قولِه: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ﴾. فيكونَ تأويلُه: قد يعلمُ اللَّهُ الذين يُعَوِّقون الناسَ عن القتالِ، ويَشِحُّون عندَ الفتحِ بالغنيمةِ. ويجوزُ أن يكونَ أيضًا قَطْعًا من قولِه: ﴿هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ ﴿أَشِحَّةً﴾، وهم هكذا أشحةً. ووصَفهم جلَّ ثناؤُه بما وصَفهم مِن الشُّحِّ على المؤمنين؛ لِما في أنفسِهم لهم


(١) سيأتي بتمامه في ص ٥٤.
(٢) سقط من: ت ٢.
(٣) تفسير مجاهد ص ٥٤٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٨٩ إلى الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.