للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقصدُ به الواحد، كما يقال في الكلام، إذا قال رجلٌ لأحدٍ: لا أزورك أبدًا: كل من لم يزُرنى فلست بزائرِه. وقائلُ ذلك يقصد جواب صاحبه القائل له: لا أزورك أبدًا.

وقال آخرون: ذلك (١) معنيٌّ به كلُّ من كانت هذه الصفةُ صفته، ولم يُقصد به قصد آخر.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثني محمد بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول الله: ﴿وَيْلٌ لِّكُلّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾. قال: ليست بخاصةٍ لأحدٍ (٢).

والصوابُ من القولِ في ذلك أن يقال: إن الله عمَّ بالقول كلَّ همزةٍ لمزةٍ؛ كلُّ مَن كان بالصفة التي وُصف هذا الموصوفُ بها، سبيله سبيله كائنًا ما (٣) كان من الناس.

وقوله: ﴿الَّذِى جَمَعَ مَالًا وَعَدَدَهُ﴾. يقولُ: الذي جمع مالا وأحصى عددَه، ولم ينفقه في سبيلِ اللَّهِ، ولم يُؤَدَّ حقَّ الله فيه، ولكنه جمعه فأوعاه وحفظه.

واختلفت القرأة في قراءة ذلك؛ فقرأه من قرَأةِ أهل المدينة أبو جعفرٍ، وعامةُ قرأة الكوفة سوى عاصمٍ: (جَمَّع) بالتشديد (٤)، وقرأ ذلك عامة قرأة المدينة


(١) في م: "بل".
(٢) ذكره البغوي في تفسيره، ٨/ ٥٣٠، والقرطبي في تفسيره ٢٠/ ١٨٣، وابن كثير في تفسيره ٨/ ٥٠١.
(٣) في م: "من".
(٤) هي قراءة أبى جعفر وابن عامر وحمزة والكسائى وخلف وروح. النشر ٢/ ٣٠١.