للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآخرُ: أن يكونَ معطوفًا على السُّرُرِ، فيكونَ معناه: لجعَلنا لهم هذه الأشياءَ مِن فضةٍ، وجعَلنا لهم مع ذلك ذَهَبًا يكونُ لهم غِنًى يَسْتَغْنون (١) بها، ولو كان التنزيلُ جاء بخفضِ الزخرفِ [كان صحيحًا على معنى] (٢)؛ لجعَلنا لَمن يكفرُ بالرحمنِ لبيوتهم سُقُفًا مِن فضةٍ ومِن زخرفٍ. فكان الزخرفُ يكونُ معطوفًا على الفضةِ (٣).

وأما المعارجُ فإنها جُمعت على مفاعلَ، وواحدُها مِعْراجٌ، على جمعِ مِعْرَجٍ، كما يُجمعُ المِفْتاحُ مفاتحَ، على جمعِ مِفْتَحٍ؛ لأنهما لغتان: مِعْرَجٌ، ومِفْتَحٌ، ولو جُمع مَعاريجَ كان صوابًا، كما يجمعُ المفتاحُ مفاتيحَ، إذ كان واحدَه مِعْراجٌ.

وقولُه: ﴿وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. يقولُ جلَّ وعزَّ: وما كلُّ هذه الأشياء التي ذكر؛ مِن السُّقُفِ مِن الفضةِ، والمعارجِ، والأبوابِ، والسُّرُرِ مِن الفضةِ والزخرفِ - إلا متاعٌ يَسْتمتعُ به أهلُ الدنيا في الدنيا، ﴿وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾. يقول جلَّ وعزَّ: وزَيْنُ الدارِ الآخرةِ وبهاؤُها عندَ ربِّك للمتقين؛ الذين اتَّقَوْا اللَّهَ فخافوا عقوبتَه (٤)، فجَدُّوا في طاعتِه، وحَذِروا معاصيَه - خاصةً دونَ غيرهم من خلقِ اللَّهِ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾: خُصوصًا (٥).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا


(١) في ت ٢، ت ٣: "يستعينون".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، وفي م: "لكان".
(٣) ينظر معاني القرآن ٣/ ٣٢.
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عقابه".
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٧ إلى المصنف وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.