لو كانوا لا يُقِرُّون بأن لهم ربًّا يَقْدِرُ على تعذيبِهم، ما قالوا: ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾، بل كانوا يقولون: إنْ هذا الذي جئتَنا به يا هودُ إلا خَلْقُ الأَوَّلين، وما لنا مِن مُعَذِّبٍ يُعذِّبُنا. ولكنهم كانوا مُقِرِّين بالصانعِ، ويعبُدون الآلهةَ على نحوِ ما كان مُشركو العرب يَعْبُدونها، ويقولون: إنها تُقَرِّبُنا إلى اللهِ زُلْفَى. فلذلك قالوا لهودٍ وهم منكرون نُبُوَّتَه: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ﴾ ثم قالوا له: ما هذا الذي نفعلُه إلا عادةُ مَن قَبْلَنا وأخلاقُهم، وما اللهُ مُعَذِّبَنا عليه. كما أخبَرنا تعالى ذكرُه عن الأممِ الخاليةِ قبلَنا أنهم كانوا يقولون لرُسُلِهِم: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمِّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٣].