للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن الحكمِ، أن رجلًا طلَّق امرأتَه، فخاصَمَته إلى شُرَيحٍ، فقرَأ هذه الآيةَ: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾. قال: إن كنتَ مِن المتقين فعليك المتعةُ. ولم يَقْضِ لها. قال شعبةُ: وجَدْتُه مكتوبًا عندي عن أبي الضُّحَى (١).

حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا ابن عليةَ، عن أيوبَ، عن محمدٍ، قال: كان شُريحٌ يقولُ في متاعِ المطلَّقةِ: لا تَأْبَ أن تكونَ مِن المحسنين، لا تَأْبَ أن تَكونَ مِن المتقين (٢).

حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن أبي إسحاقَ، أن شُريحًا قال للذي قد دخَل بها: إن كنتَ مِن المتقين فمتِّعْ (٣).

قال أبو جعفرٍ: وكأن قائلي هذا القولِ ذهَبوا في تركِهم إيجابَ المتعةِ فرضًا للمُطلَّقاتِ، إلى أنَّ قولَ اللَّهِ تعالى ذكرُه: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾. وقوله: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ دَلالةٌ على أنها لو كانت واجبةً وجوبَ الحقوقِ اللازمةِ الأموالَ بكلِّ حالٍ، لم يُخْصَصِ المتقون والمحسنون بأنها حقٌّ عليهم دونَ غيرِهم، بل كان يكونُ ذلك معمومًا به كلُّ أحدٍ مِن الناسِ.

وأما مُوجِبوها على كلِّ أحدٍ سوى المطلَّقةِ المفروضِ لها الصداقُ، فإنهم اعتلُّوا


(١) أخرجه وكيع في أخبار القضاة ٢/ ٢٦٦، والبيهقي ٧/ ٢٥٧ من طريق شعبة به.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٢٢٤٢) من طريق أيوب به، وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (١٧٧٩)، ووكيع في أخبار القضاة ٢/ ٣٢٧، ٣٤٣، وابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٤٣ (٢٣٥٥) من طريق محمد به.
(٣) أخرجه وكيع في أخبار القضاة ٢/ ٢٧٠ من طريق عبد الرحمن بن مهدي به.