للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾.

ذُكِر أن هذه الآيةَ نزَلتْ في رجلٍ كانت له أختٌ كان زوَّجَها من ابنِ عمٍّ له (١)، فطلَّقَها، وترَكها فلم يُراجِعْها حتى انقضتْ عِدَّتُها، ثم خطَبها منه، فأبَى أن يُزَوِّجَها إيّاه، ومنَعها منه وهي فيه راغبةٌ.

ثم اختَلف أهلُ التأويلِ في الرجلِ الذي كان فعَل ذلك فنزَلتْ هذه الآيةُ فيه؛ فقال بعضُهم: كان ذلك الرجلُ مَعْقِلَ بنَ يَسارٍ المُزَنِيَّ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ بَشّارٍ، قال: ثنا عبدُ الأعلى، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ، عن مَعْقِلِ بنِ يَسارٍ، قال: كانت أختُه تحتَ رجلٍ فطلَّقها، ثم خَلا (٢) عنها، حتى إذا انقضَتْ عِدَّتُها خطَبها، فحَمِيَ مَعْقِلٌ من ذلك أَنَفًا (٣)، وقال: خَلا (٢) عنها وهو يَقْدِرُ عليها. فحال بينه وبينها، فأنزَل اللَّهُ تعالى ذكرُه: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (٤).

حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا وَكيعٌ، عن الفضلِ بنِ دَلْهَمٍ، عن الحسنِ، عن مَعْقِلِ بنِ يَسارٍ، أن أختَه طلَّقها زوجُها، فأراد أن يُراجعَها، فمنعَها مَعْقِلٌ، فأَنزل اللَّهُ تعالى ذكرُه: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾


(١) في م: "لها".
(٢) في صحيح البخاري: "خلّى".
(٣) أَنِف من الشيء يأنف أنفًا: إذا كرهه وشرُفت نفسه عنه، وأراد به هنا: أخذته الحمية من الغيرة والغضب. النهاية ١/ ٧٦.
(٤) أخرجه البخاري (٥٣٣١) من طريق عبد الأعلى به، والدارقطني ٣/ ٢٢٤ من طريق سعيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٨٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.