يَأتِينا الوعدُ الذى تَعِدُنا إن كنتم صادقين: ﴿قُلْ لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي﴾ أيُّها القومُ، أي: لا أقدِرُ لها على ضُرٍّ ولا نفع في دنيا ولا دين، ﴿إِلَّا مَا شَاءَ الله﴾ أن أملِكَه، فأجْلِبَه إليها بإذنه. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيه ﷺ: قلْ لهم: فإذ كنتُ لا أقدِرُ على ذلك إلا بإذنه، فأنا عن القدرة على الوصول إلى علم الغيب، ومعرفة قيامِ الساعِة أعجزُ وأعجَزُ، إلا بمشيئتِه وإذنِه لي في ذلك. ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾، يقول: لكلِّ قومٍ ميقاتٌ لانقضاءِ مُدَّتِهم وأجلهم، فإذا جاء وقتُ انقضاء أجلهم وفناء أعمارِهم، لا يَستأخرون عنه ساعةً، فيُمهلون ويؤخَّرون، ﴿وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ قبلَ ذلك؛ لأن اللهَ قد قضَى أن لا يتقدَّمَ ذلك قبلَ الحين الذى قدَّرَه وقَضاه.
يقولُ تعالى ذكرُه: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومِك: أرأيتم إن أتاكم عذابُ اللّهِ بيانًا -يقولُ: ليلا- أو نهارًا، وجاءت الساعةُ، وقامَت القيامةُ، أتقدِرون على دفع ذلك عن أنفسِكم؟ يقولُ الله تعالى ذكرُه: ماذا يَستَعجِلُ مِن نزول العذاب المجرمون الذين كَفَروا بالله، وهم الصالون بحره دون غيرهم، ثم لا يقدرون على دفعه عن أنفسهم؟
يقولُ تعالى ذكرُه: أهنالك إذا وَقَعَ عذاب الله بكم أيُّها المشركون، ﴿آمَنتُم بِهِ﴾. يقولُ: صَدَّقتُم به في حالٍ لا ينفعُكم فيها التصديق، وقيل لكم حينَئذٍ: آلآن تُصَدِّقون به وقد كنتم قبلَ الآنَ به تستَعجِلون، وأنتم بنزوله مُكذِّبون؟ فذُوقوا الآن ما كنتُم به تُكذِّبون.