للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ أَزْرِي﴾. يقولُ: اشْدُدْ به أمرى، وقوِّنى به، فإن لي به قوّةً (١).

وقولُه: ﴿وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾. يقولُ: واجعَلْه نبيًّا مثلَ مَا جَعَلتَنى نبيًّا، وأَرْسِلْه معى إلى فرعونَ

﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا﴾. يقولُ: كي نعظِّمَك بالتسبيحِ لك كثيرًا،

﴿وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ فنُمجِّدَك

﴿إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا﴾. يقولُ: إنك كنت ذا بصَرٍ بنا، لا يخْفى عليك من أفعالِنا شيءٌ.

وذُكِر عن عبدِ اللهِ بن أبي إسحاقَ أنه كان يقرأُ: (أَشْدُدْ بِهِ أَزْرِى). بفتحِ الألفِ من (أَشْدُدْ)، (وأُشْرِكْهُ في أَمْرِى) بضمِّ الأُلفِ من (أُشْرِكْهُ) (٢). بمعنى الخبرِ من موسى عن نفسِه أنه يفعَلُ ذلك، لا على وجهِ الدعاءِ، وإذا قُرِئ ذلك كذلك جُزِم "أَشَدُدْ" و "أُشْرِكْ" على الجزاءِ، أو (٣) جوابِ الدعاءِ. وذلك قراءةٌ لا أرى القراءةَ بها، وإن كان لها وجهٌ، مفهومٌ، لخلافِها قراءةَ الحجةِ التي لا يجوزُ خلافُها (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى (٣٦) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (٣٧) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال اللهُ لموسى: قد أُعْطِيتَ ما سألتَ يا موسى ربَّك من شرحه صدرَك، وتيسيرِه لك أمرَك، وحَلِّ عقدةِ لسانِك، وتصييرِ أخيك هارونَ وزيرًا لك، وشَدِّ أَزْرِك به، وإشراكِه في الرسالةِ معك.

﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولقد تطوَّلنا عليك يا موسى قبلَ هذه المرّةِ مرّةً أخرى، وذلك حينَ أَوْحَينا إلى أمِّك إذ ولَدَتك في العامِ الذي كان فرعونُ يقتُلُ كلَّ مولودٍ ذكَرٍ من قومِك - ما أَوْحَينا إليها،

ثم فسَّر تعالى ذكرُه ما أَوْحَى إلى أمِّه،


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٩٥ إلى ابن أبي حاتم.
(٢) وهي قراءة ابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ٤١٨.
(٣) في الأصل: "و".
(٤) القراءتان متواترتان.