للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعجبُ القراءتين إليَّ أن أَقْرَأَ بها: ﴿لَا تَخَافُ﴾ على وجه الرفع؛ لأن ذلك أفصحُ اللغتين، وإن كانت الأُخرى جائزةً.

وكان بعضُ نحويى البصرة يقولُ (١): معنى قوله: ﴿لَا تَخَافُ دَرَكًا﴾. اضْرِبْ لهم طريقًا لا تَخافُ فيه دَرَكًا. قال: وحذف "فيه" كما تقولُ: زيدٌ أكْرَمْتُ. وأنت تُرِيدُ: أَكْرَمْتُه. وكما قال: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ [البقرة: ٤٨]. أي: لا تجزى فيه.

وأما نحويو الكوفة (٢) فإنهم يُنْكرون حذف "فيه" إلا في المواقيت؛ لأنه يَصْلُحُ أن يقال فيها: قمتُ اليومَ، وفى اليوم. ولا يُجيزون ذلك في الأسماء.

القولُ في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (٧٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فأسرى (٣) موسى ببنى إسرائيلَ إِذ أَوْحَيْنا إليه أَن أَسْرِ بهم، فأتْبَعَهم فرعونُ بجنوده حين قطَعوا البحرَ، فغشي فرعونَ وجنودَه من البحر (٤) ما غشِيَهم، فغرقوا جميعًا،

﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: وجارَ (٥) فرعونُ بقومه عن سواء السبيل، وأخَذ بهم على غيرِ استقامةٍ؛ وذلك أنه سلَك بهم طريقَ أهل النار، بأمرهم (٦) بالكفر بالله، وتكذيبِ


(١) ينظر الكتاب لسيبويه ١/ ٣٨٦.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٣٢.
(٣) في م: "سري".
(٤) في ص، م، ت ١، ف: "اليم".
(٥) في م: "جاوز".
(٦) في ت ١، ف: "يأمرهم".