فمعنى الآيةِ: وقالوا اتَّخَذ اللهُ ولدًا. سبحانَه أن يكونَ له ولدٌ، بل هو مالكُ السماواتِ والأرضِ وما فيهما، كلُّ ذلك له مُقِرٌّ بالعبوديَّةِ، بدلالتِه على وَحْدانيتِه. فأنَّى يكونُ له ولدٌ، وهو ابْتَدَع السماواتِ والأرضَ مِن غيرِ أصلٍ، كما الذى ابْتَدَع المسيحَ مِن غيرِ والدٍ بقدرتِه وسلطانِه، الذى لا يَتَعَذَّرُ عليه به شيءٌ أراده، بل إنما يقولُ له إذا قضاه فأراد تكوينَه: كُنْ. فيكونُ موجودًا كما أراده وشاءَه، فكذلك كان ابتداعُه المسيحَ وإنشاؤُه، إذ أراد خَلْقَه مِن غيرِ والدٍ.
اخْتَلَف أهلُ التأويلِ فى مَن عنَى اللهُ بقولِه: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللهُ﴾؛ فقال بعضُهم: عنَى اللهُ بذلك النَّصارَى.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنى محمدُ بنُ عمرٍو، قال: حدثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مُجاهِدٍ فى قولِ اللهِ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ﴾. قال: النَّصارَى تَقولُه (١).
وحدَّثنى المثنى، قال: حدثنا أبو حُذَيفةَ، قال: حدثنا شِبْلٌ، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مُجاهِدٍ مثلَه، وزاد فيه: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾: النصارى.
وقال آخَرون: بل عنى اللهُ بذلك اليهودَ الذين كانوا فى زمانِ رسولِ اللهِ ﷺ.
(١) تفسير مجاهد ص ٢١٢، ومن طريقه ابن أبى حاتم فى تفسيره ١/ ٢١٥ (١١٤٢). وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ١/ ١١٠ إلى عبد بن حميد.