للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾. فإنه يقولُ تعالى ذكره: ثم إلى الله يُرجعون؛ المؤمنون الذين استجابوا لله والرسولِ، والكفارُ الذين يَحُولُ الله بينَهم وبينَ قُلُوبِهِم (١) أن يَفْقَهوا عنك شيئًا، فيُثيبُ هذا المؤمن على ما سلف من صالحِ عملِه في الدنيا، بما وعَد أهلَ الإيمان به مِن الثوابِ، ويُعاقِبُ هذا الكافرَ بما أوْعَد أهلَ الكفر به مِن العقاب، لا يَظْلِمُ أحدًا (٢) منهم مثقال ذرةٍ.

القول في تأويل قوله: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكره: وقال هؤلاء العادلون بربِّهم، المعرضون عن آياته: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾. يقولُ: قالوا: هلَّا نُزِّل على محمدٍ آيةٌ من ربِّه. كما قال الشاعر (٣):

تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيب أفضلَ مَجْدِكم … بني ضَوْطَرَى لولا الكَمِيَّ المُقَنَّعا

بمعنى: هلَّا الكَمِيَّ.

والآية العلامةُ، وذلك أنهم قالُوا: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ [الفرقان: ٧، ٨]. قال الله تعالى لنبيه محمد : ﴿قُل﴾ يا محمدُ لقائلي هذه المقالةِ لك: ﴿إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً﴾. يعنى: حُجَّةً على ما يُريدون ويَسْأَلُون، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: ولكن أكثر (٤) الذين يقُولون ذلك، فيَسْأَلونك آيةٌ، لا يَعْلَمون ما


(١) سقط من: م، وفى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قولهم".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أحد".
(٣) هو جرير، وتقدم في ٢/ ٤٧٦.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أكثرهم".