للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمِعتُ مُصْعبَ بنَ سعدٍ، قال: كنتُ أمْسِكُ على سعدٍ المصحفَ، فأتى على هذه الآيةِ. ثم ذكَر نحوَ حديثِ محمدِ بن جعفرٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (٢٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: اللَّهُ يُوَسِّعُ على مَن يشاءُ مِن خلقِه في رزقِه، فيَنْسُطُ له منه؛ لأن منهم مَن لا يُصْلِحُه إلا ذلك، ﴿وَيَقْدِرُ﴾. يقولُ: ويُقَتِّرُ على مَن يشاءُ منهم في رزقِه وعَيْشِه، فيُضَيِّقُه عليه؛ لأنه لا يُصْلِحُه إلا الإقتارُ.

﴿وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وفرِح هؤلاء الذين بُسِط لهم في الدنيا مِن الرزقِ على كفرِهم باللَّهِ ومَعْصِيتهم إياه، بما بُسِط لهم فيها، وجهِلوا ما عندَ اللَّهِ لأهلِ طاعتِه والإيمانِ به في الآخرةِ من الكرامةِ والنعيمِ.

ثم أخبَر جلَّ ثناؤُه عن قَدْرِ ذلك في الدنيا، فيما لأهلِ الإيمانِ به عندَه في الآخرةِ، وأعلَم عبادَه قِلَّتَه فقال: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾. يقولُ: وما جميعُ ما أُعْطِى هؤلاء في الدنيا مِن السعةِ، وبُسِط لهم فيها مِن الرزقِ وَرَغَدِ العيشِ، فيما (١) عندَ اللَّهِ لأهلِ طاعتِه في الآخرةِ، إلا متاعٌ قليلٌ، وشيءٌ حقيرٌ ذاهبٌ.

كما حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ، قال: ثنا شبابةُ، قال: ثنا ورقاءُ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿إِلَّا مَتَاعٌ﴾. قال: قليلٌ ذاهبٌ (٢).


(١) في ص، ت ٢، س، ف: "فيها"، وغير واضحة في ت ١.
(٢) تفسير مجاهد ص ٤٠٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٥٨ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبى الشيخ.