للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واخْتَلَفت القَرَأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾؛ فقرَأ ذلك عامَّةُ قرَأةِ أهلِ المدينةِ وبعضُ البصريين والكوفيين ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾، بمعنى: أو لَمَسْتُم نساءَكم ولمَسْنَكم.

وقرَأ ذلك عامةُ قرِأة الكوفيين: (أوْ لَمَسْتُمُ النِّساء) بمعنى: أو لَمَسْتُم أنتم أيُّها الرجالُ نساءَكم (١).

وهما قراءتان مُتَقارِبتا المعنى؛ لأنه لا يَكونُ الرجلُ لامِسًا امرأتَه إلا وهى لامِستُه، فاللَّمْسُ في ذلك يَدلُّ على معنى اللِّماس، واللِّماسُ على معنى اللمسِ مِن كلِّ واحدٍ منهما صاحبَه، فبأيِّ القراءتين قرَأ ذلك القارئُ فمُصيبٌ؛ لاتفاقِ معنَيَيهْما.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾.

قال أبو جعفرٍ: يعني بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾: أو لمَسْتُم النساءَ، فطلَبْتُم الماءَ لتَتَطَهَّرُوا به، فلم تَجِدوه بثمنٍ ولا غيرِ ثمنٍ ﴿فَتَيَمَّمُوا﴾. يقولُ: فتعَمَّدوا. وهو "تفَعَّلوا" مِن قوِل القائلِ: تيَمَّمْتُ كذا - إِذا قصَدْتَه وتَعَمَّدْتَه - فأنا أَتَيَمَّمُه. وقد يقال منه: يمَّمَه فلانٌ فهو يُتَمِّمُه، وأمَّمْتُه (٢) أنا وأمَمْتُه خفيفةً، وتَيَمَّمْتُ وتأمَّمْتُ، ولم يُسمَع فيها يَمَمْتُ خَفيفةً، ومنه قولُ أغْشَى بني ثعلبةَ (٣):

تَيَمَّمْتُ قَيْسًا وكم دونَه … من الأرضِ من مَهْمَةٍ ذى شَزَنْ

يعني بقوله: تيمَّمت: تعَمَّدْتُ وقصَدْتُ.

وقد ذُكِر أنها في قراءةِ عبدِ اللَّهِ: (فأُمُّوا صَعِيدًا) (٤).


(١) قراءة: (لمستم) بغير ألف هي قراءة حمزة والكسائي، وقراءة: ﴿لَامَسْتُمُ﴾ بألف هي قراءة الباقين. ينظر السبعة في القراءات ص ٢٣٤ وحجة القراءات ص ٢٠٤، ٢٠٥.
(٢) في م: "وأيممته".
(٣) تقدم تخريجه في ٤/ ٦٩٨.
(٤) هي شاذة لم ترد عن أحد من العشرة.