يقولُ تعالى ذكرُه: آمِنوا باللَّهِ أيُّها الناسُ، فأَقِرُّوا بوحدانيتِه وبرسولِه محمدٍ ﷺ، فصَدِّقوه فيما جاءَكم به من عندِ اللَّهِ واتَّبِعوه، ﴿وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: وأَنْفِقوا مما خوَّلكم اللَّهُ من المالِ الذي أورَثكم عمَّن كان قبلَكم، فجعَلكم خُلفاءَهم فيه - في سبيلِ اللَّهِ.
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾. قال: المعَمَّرِين فيه بالرزقِ (١).
وقولُه: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا﴾. يقولُ: فالذين آمَنوا باللَّهِ ورسولِه منكم أيُّها الناسُ وأنفَقوا - مما خوَّلهم اللَّهُ عمَّن كان قبلَهم، ورزَقهم من المالِ - في سبيلِ اللَّهِ، ﴿لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾. يقولُ: لهم ثوابٌ عظيمٌ.
يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾: وما شأنُكم أيُّها الناسُ لا تُقِرُّون بوحدانيةِ اللَّهِ، ورسولُه محمدٌ ﷺ يَدْعُوكم إلى الإقرارِ بوحدانيتِه، وقد
(١) تفسير مجاهد ص ٦٤٧، ومن طريقه الفريابي - كما في تغليق التعليق ٤/ ٣٣٦ - وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٧١ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.