وقولُه: ﴿فَقَضَى عَلَيْهِ﴾. يقولُ: ففرَغ من قَتْلِه.
وقد بيَّنتُ فيما مضَى أن معنى القضاءِ الفَراعُ، بما أغنَى عن إعادتِه ههنا (١).
ذِكْرُ أنَّه قَتَلَه ثم دَفَنَه في الرَّملِ
كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن أبي بكرِ بن عبدِ اللَّهِ، عن أصحابهِ: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾: ثم دفَنه في الرَّملِ.
وقولُه: ﴿قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ﴾. يقولُ تعالى ذِكْرُه: قال موسى حينَ قتَل القتيلَ: هذا القَتْلُ مِن تَسبُّبِ الشيطانِ لى؛ بأن هيَّجَ غَضَبى حتى ضرَبتُ هذا فهَلَك من ضَرْبتي، ﴿إِنَّهُ عَدُوٌّ﴾. يقولُ: إِن الشيطانَ عدوٌّ لابنِ آدمَ ﴿مُضِلٌّ﴾ له عن سبيلِ الرَّشادِ؛ بتَزيينِه له القبيحَ من الأعمالِ، وتحسينِه ذلك له، هو ﴿مُبِينٌ﴾. يعنى أنه يُبينُ عداوتَه لهم قديمًا، وإضْلالَه إيَّاهم.
يقولُ تعالَى ذكرُه مُخبرًا عن ندَم موسَى على ما كان مِن قَتْلِه النفسَ التي قتَلها، وتوبَتِه إليه منه، ومسألتِه غُفْرانَه من ذلك: ربِّ إني ظَلَمْتُ نفسى بقتلِ النفسِ التي لم تأْمُرْنى بقَتْلِها، فاعفُ عن ذَنْبي ذلك، واسْتُرْه عليَّ، ولا تؤاخِذْنى به، فتعاقِبَني عليه.